اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط هو حالة شائعة في نفسية الأطفال، حيث يبدأ في المرحلة الطفولية وقد يستمر حتى فترة المراهقة والبلوغ. يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب من صعوبة في التركيز أو زيادة النشاط والاندفاع، أو في بعض الحالات يواجه كلاهما، مما يعوق أداء المهام اليومية بصعوبة ويمكن أن يؤثر على نموه.
أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
في سن الصغر قبل الالتحاق بالمدرسة، تظهر علامات اضطراب الاستماع والتركيز بشكل عدم هدوء، وعدم الانضباط، ونوبات البكاء والغضب الشديدة، وأحيانًا بدون سبب واضح، وعدم الرغبة والقدرة على إكمال المهام، وصعوبة التركيز، وصعوبة الامتثال للقوانين بما في ذلك قوانين الألعاب، وأحيانًا الزيادة في النشاط بخاصة النشاط الحركي. وفي بعض الأحيان، قد لا يدرك الأطفال مدى خطورة هذا الأمر على أنفسهم أو على الآخرين، ويميلون لتسلق أماكن مرتفعة وخطرة أو الركض نحو الشارع دون الانتباه إلى المخاطر.
بسبب هذه الصعوبات السلوكية، يتسببون أحيانًا في غضب الكبار والأطفال، ويجدون صعوبة في التعرف على أصدقاء، وأحيانًا يظهر لديهم تفاعلات أخرى بسبب ذلك، مثل الانعزال وعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين، وفي بعض الأحيان يميلون حتى إلى العنف ضد الآخرين.
في مرحلة الصفوف الابتدائية، يتم تجلي أعراض تعبيرية مثل ردود فعل اندفاعية، ونوبات غضب وانغماس في العزلة. بسبب قدرتهم على إثارة غضب الأطفال الآخرين والبالغين، فإنهم يصبحون أشخاصًا غير مرغوب فيهم في المجتمع، ويتجهون نحو السلوكيات غير الاجتماعية، وقد يصل الأمر إلى مستوى العنف في بعض الأحيان. مع وصولهم إلى هذا العمر، ستنعكس الاضطرابات في تحصيلهم الدراسي بشكل أقل بكثير من المعتاد، وسيواجهون صعوبات في الالتزام بالجداول الزمنية وعدم أداء واجباتهم المدرسية في المنزل.
في مرحلة المراهقة ومع التحول إلى النضج، ينقطع الشباب عن الدراسة ويواجهون صعوبات في العثور على فرص عمل تتناسب مع مهاراتهم وتطلعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، يجدون صعوبات في الامتثال للقوانين و يصبحون أحيانًا عنيفين و يتعرضون للإدمان على المخدرات، السجائر والكحول، والقيام بأعمال غير قانونية تشكل تهديدًا على حياتهم والمجتمع. ستكون لهم دورا كبيرا في العديد من الحوادث المختلفة، بما في ذلك حوادث الطرق.
إن التشخيص وتقديم العلاج المناسب في سن صغيرة ضروريين جداً لتفادي حدوث مشاكل مختلفة ناتجة عن اضطراب. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن هناك العديد من الأطفال الذين يعانون من فرط النشاط ولكنهم لا يواجهون مشاكل في الاستماع والتركيز، أو أن هناك أطفالاً بطباعهم الصعبة يتم تشخيصهم بوجود اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه بدون وجود تفسير مناسب، وبالتالي يتوجب علينا أن نتعامل بحذر تام عند عمل التشخيص.
هل هناك أكثر من نوع واحد لهذا الاضطراب؟
يتواجد ثلاثة أشكال من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
- عدم الانتباه يعني أن الطفل يفصل عن المهمة التي يقوم بها ويفقد القدرة على التركيز على شيء محدد ويواجه صعوبة في الحفاظ على التركيز بشكل عام، بالإضافة إلى التشتت والاضطراب. ولا يعزى السبب في هذه المشكلات إلى عصيان الطفل أو عدم فهمه.
- زيادة النشاط تعني أن الطفل يتحرك بشكل متواصل، حتى في الأوقات التي لا يكون مناسبًا فيها، ويشعر بالملل أو يقوم بالنقر أو التحدث بشكل غير طبيعي. أما في فترة الشباب، فقد يعاني المريض من الأرق الشديد أو قد يتسبب في تعب الآخرين بنشاطه.
- الاندفاع يعني عندما يتصرف الطفل بسرعة دون تفكير مسبق أو التأمل في إمكانية حدوث أذى أو ضرر. وبعض الأمثلة على ذلك تشمل قطع الطفل لكلام الآخرين أثناء التحدث، أو اتخاذ قرارات هامة دون التأمل في العواقب المحتملة على المدى البعيد.
أسباب اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
لا يزال السبب الدقيق لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) غير معروف، ومع ذلك، يعتقد الباحثون أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تساهم في حدوثه، بمن فيها:
- في العائلات عادة ما يتم انتقال اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عن طريق الوراثة، ويعتقد أن الجينات التي يورثها الطفل من الوالدين تلعب دورا هاما في تطور حدوث هذا الاضطراب، وتزداد فرصة الإصابة به إذا كان أحد الأبوين أو الإخوة مصاب به.
- ثبتت العديد من الدراسات وجود اختلافات في أنشطة الدماغ للأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، مقارنة بالأطفال الذين لا يعانون من هذا الاضطراب. على سبيل المثال، أشارت إحدى الدراسات إلى أن بعض مناطق الدماغ قد يكون حجمها أصغر عند المصابين بفرط النشاط وتشتت الانتباه، بينما قد تكون مناطق أخرى أكبر، ويرتبط هذا الاختلاف بالإصابة بالاضطراب المذكور.
- بناءً على الدراسات، توصلت إلى أن الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يعانون من نقص في مستوى الدوبامين، وهو مركب عصبي في الدماغ يلعب دورًا في تحفيز الاستجابات والردود العاطفية. لا يتم معرفة سبب انخفاض مستوى الدوبامين بعد، ومع ذلك، يُعتقد أن هناك علاقة بين الحالة المذكورة وانخفاض مستوى الدوبامين.
عوامل الخطر
- تدهور الصحة النفسية والعقلية.
- مشكلة الفشل وضعف الأداء في الدراسة والعمل والبطالة.
- تعني الوقوع في مشاكل قانونية أو ارتكاب الجرائم أن تقع في مواقف قانونية صعبة أو تقوم بتنفيذ أعمال غير قانونية.
- كثرة الوقوع في حوادث السيارات وغيرها.
- توتر العلاقات الاجتماعية.
- تعاطي وإدمان المخدرات والخمور.
- محاولات الانتحار
متى تزور الطبيب
إذا كنتَ لاحظت ظهور علامات اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط عند طفلك، فيجب أن تقوم بزيارة طبيب الأطفال أو طبيب الأسرة. قد يُعَيِّن لك الطبيب زيارة تخصصية لطبيب الأطفال التنموي السلوكي، أو استشارة أخصائي نفسي، أو طبيب نفسي، أو أخصائي أمراض الأعصاب للأطفال. ومع ذلك، فمن الضروري أن تقوم بتقييم طبي أولي للبحث عن أسباب أخرى محتملة قد تكون مسببة لهذه الصعوبات لدى طفلك.
علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
تشمل أبرز العلاجات ما يأتي:
العلاج الدوائي
في الوقت الحاضر، الأدوية المنشطة والمهدئة تعتبر العلاجات الدوائية الرئيسية المستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال. هذه الأدوية تشمل:
- ميثيل فندات (Methylphenidate).
- ديكستروأمفيتامين (Dextroamphetamine).
- وعلى الرغم من أن العلماء لا يعرفون حتى الآن بدقة كيفية تأثير هذه الأدوية، إلا أن الرؤية العامة بينهم هي أنها تساهم في تنشيط الدماغ وتحقيق توازن في مستويات المواد الكيميائية المعروفة بناقلات الأعصاب في الدماغ.
وتعزز هذه الأدوية تحسين العلامات والأعراض الرئيسية للاضطراب مثل قصور الانتباه والاندفاعية وفرط النشاط بشكل كبير جدًا في البعض من الأحيان. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الأدوية قصير الأمد للغاية ويتلاشى بسرعة.
المعالجة السلوكية
عادة ما يتطلب الوضع حاجة لتحديد قواعد ونظم روتينية وخطة للتدخل في المدرسة وتقنيات رعاية أسرية معدلة، بهدف التقليل من تأثيرات اضطراب قلة الانتباه وفرط النشاط. قد يستفيد الأطفال الذين لا يواجهون تحديات سلوكية كبيرة من العلاج الدوائي وحده. ومع ذلك، فإن الأدوية النفسية المنبهة لا تعمل على مدار الساعة، لذا يجب التدرب على التكيف للمساعدة في تحسين المهارات التنظيمية وغيرها. قد يتم أحيانًا الجمع بين العلاج السلوكي الذي يقوم به اختصاصي الطب النفسي والعلاج الدوائي.
تتم معالجة اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة عن طريق الاستعانة بالاستشارة.
غالبًا ما يستفيد الأطفال المصابون بهذا الاضطراب من المحادثات العلاجية وتوجيهات الاستشارة، أو من العلاج السلوكي، كل هذه العلاجات يمكن أن يتلقوها من مجموعة من الخبراء المتخصصين ويشملون: الطبيب النفسي أو المعالج النفسي، العامل الاجتماعي أو المتخصصون المؤهلون في مجالات الصحة النفسية المختلفة والمرخصون لتقديم هذه العلاجات.
قد يواجه بعض الأطفال المصابين بالاضطراب مشاكل أخرى مثل القلق أو الاكتئاب، وعند حدوث ذلك يمكن للإرشاد والتوجيه أن يكونا مفيدين في علاج الاضطراب بذاته، بالإضافة إلى علاج المشاكل المصاحبة.
ومن بين أنواع الاستشارات الشائعة:
- المعالجة النفسية.
- المعالجة السلوكية.
- المعالجة العائلية.
- التدريب يهدف إلى تعلم المهارات واكتساب القدرات الاجتماعية.
- المعالجة بواسطة مجموعات الدعم.
حقق أفضل النتائج في هذه العلاجات عندما يتعاون المدرسون والأهل والمعالجون والمستشارون أو الأطباء النفسيون تعاوناً تاماً، حيث يعملون جميعًا كفريق واحد لتحقيق هدف مشترك.
والآباء والأمهات لديهم القدرة على لعب دور مهم وحاسم من خلال العمل المشترك والتعاون مع المعلمين. بذل الجهود لتزويد أطفالهم بالمصادر الموثوقة والمعتمدة للحصول على المعلومات والدعم اللازم لتحسين تجربة تعلم أبنائهم.
الوقاية
من أجل تقليل خطر إصابة طفلكِ باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، يمكن أن تكون للمساعدة دور هام.
- احرصي خلال فترة الحمل أن لا تقومي بأي شيء قد يتسبب في ضرر نمو الجنين. على سبيل المثال، تجنبي تناول المشروبات الكحولية، أو استخدام المخدرات أو التدخين.
- حماية طفلكِ من التعرض للمواد الملوثة والمسممة، مثل التدخين والطلاء الذي يحتوي على الرصاص.
- تقليل فترات مشاهدة التلفاز. على الرغم من عدم ثبوت ذلك، قد يكون من المستحسن منع الأطفال من مشاهدة التلفاز وألعاب الفيديو بكثرة في السنوات الخمس الأولى من عمرهم.